يعد من السائد اختصار الرومانسية بالعاطفة الشديدة في العلاقات، ويتوّج اللون الأحمر كممثل رئيسي لها، إلّا أن مفهوم الرومانسية منذ القِدَم يتجاوز ذلك بكثير من خلال الحركة الرومانسية التي كان لها بصمة كبيرة في الأدب والفن والموسيقا، وحتى الثورات السياسية القديمة.
تعريف الحركة الرومانسية
هي التوجه أو الموقف أو الفكرة التي ميزّت مختلف الأعمال الفنية والأدبية والموسيقية والنقدية، وحتى أعمال الهندسة المعمارية عن سواها، وبداية هذه الحركة امتدت منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر.
تعد الرومانسية ثورة بحد ذاتها وفكرة خارج الصندوق؛ إذ أنها تبنّت أفكارا رافضة للنمط الكلاسيكي الذي يتّسم بالعقلانية والمثالية والتوازن، خاصةً الكلاسيكية الجديدة أواخر القرن الثامن عشر.
يمكن الاستنتاج من تسمية الرومانسية بأنها تنادي باستقلالية الفرد وتمجّد عواطفه وعفويته ورؤيته تجاه مختلف مجالات الحياة، كما أنها تنادي بالتمرد واللاعقلانية لإفساح المجال للخيال للانطلاق به من دون أي قيود.
تغوص الرومانسية داخل أعماق الإنسان لتزيح الغبار عن مكنوناته الداخلية وشخصيته الحقيقية وإمكانياته العقلية والصراعات الشخصية التي يواجهها في الظلام ومزاجيته وعاطفته تجاه كل شيء؛ لإنشاء أعمال مبتكرة واستثنائية تطغى فيها العاطفة على العقل، وبالتالي عند الانضمام للحركة الرومانسية على الفرد الاستسلام تمامًا للمعرفة المطلقة والعواطف في جميع الأشياء، وامتلاك البصيرة لرؤية الأمور بأبعاد تفوق الظاهر والتعمّق في الروحانيات والغموض.[1]
مؤسس الحركة الرومانسية
الكاتب روبرت بيرنز هو مؤسس الحركة الرومانسية التي ظهرت من خلال العواطف الصادقة والخيال الخِصب في قصصه الغنائية، ويعد من الملهمين المهمين للعديد من الكتّاب خلال الفترة الرومانسية.[2]
الرومانسية والأدب
انتشرت الرومانسية في الأدب بشكل خاص في أميركا وإنجلترا في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر كرفض لممارسات وأفكار عصر التنوير، ورفض الثورة الصناعية لاعتقادهم أنها تشوّه النفس البشرية وتبعدها عن فطرتها الأساسية، وبالتالي اعتاد الأدباء الرومانسيون العزلة في الريف والابتعاد عن المدن وما فيها من حداثة.[3]
أبرز رواد الحركة الرومانسية في الأدب
● ويليام وورزدورث: الكاتب الإنجليزي الشهير، يُعرف بانتمائه للطبيعة ويشتهر بقصيدة "بحيرة الطبيعة"، يظهر انتماءه القوي تِبعًا لما استلهمه من الثورة الفرنسية.
● صاموئيل تايلر كولريدج: الكاتب والفيلسوف الإنجليزي، يشتهر بلقب "شاعر الطبيعة الفائقة".
● جورج بايرون: الكاتب الإنجليزي، يشتهر بلقب "الشاعر المتمرد".[4]
الرومانسية والفنون البصرية
تُطبّق الرومانسية على الفنون البصرية من خلال إطلاق العنان للخيال تِبعًا للعواطف والمشاعر والحالات المزاجية بمختلف أنواعها، ما يوسّع منظور الفن لدى الفنان ويتّسع لمختلف المجالات. الفن في الرومانسية لا يشمل فقط الطبيعة والشخصيات، بل يتطرّق أيضًا للدين والثورة والقضايا الاجتماعية والكونية كافة.
يلاحظ بالتالي أنّ الخطوط مرنة بشكل أكبر وأقل دقة وأكثر انسيابية دلالة على تفاعل الفنان مع اللوحة وكسر قيوده تجاهها، كما يقول الفنان الرومانسي كاسبار ديفيد فريدريش "شعور الفنان هو قانونه".
أبرز رواد الحركة الرومانسية في الفنون البصرية
● وليام بليك: الرسام والشاعر والفيلسوف.
● توماس كول: الرسام الأميركي الذي أسّس الحركة الفنية لمدرسة نهر هدسون والمشهور برسومات المناظر الطبيعية.
● جون كونستابل: الرسام الإنجليزي الذي يشتهر بلوحاته عن الريف الإنجليزي.[5]
الرومانسية والموسيقا
تدخل الرومانسية في الموسيقا من خلال التعبير عن مختلف العواطف، بما فيها من حب وضعف وقوة وكراهية والكثير من الضياع في كل نوتة موسيقية؛ لإنتاج مقاطع تُدخل المستمع في حالة من الالتحام واصفةً الشعور تِبعًا للمقطع الموسيقي.
يعد الفكر الرومانسي من المنهجيات المؤثرة بشدة على الموسيقا وما يزال تأثيره إلى اليوم؛ إذ أنها كسرت الحواجز تجاه الطابع الكلاسيكي السائد، وخرقت قواعد عديدة في أشهر النوتات الموسيقية مثل موسيقا موزارت وباخ وبيتهوفن.[6]
أبرز رواد الحركة الرومانسية في الموسيقى
● فريدريك شوبن: الملحن وعازف البيانو البولندي.
● فرانز ليستز: الملحن وعازف البيانو الهنغاري.
● جوسيبي فيردي: الموسيقي والأوبرالي الإيطالي.[7]
الرومانسية والسياسة
الثورة الفرنسية هي الشعلة التي بدأت منها الحركة الرومانسية؛ فالعديد من الفنانين والكتّاب والموسيقيين استلهموا من الثورة من خلال الانقلاب على القوانين السائدة والأفكار التي أثارت توترا سياسيا واقتصاديا ملحوظ في تلك الفترة، ليصبح الأدب والفن والموسيقا جزءا من الثورة.
نادى العديد من الفنانين والموسيقيين والكُتّاب من خلال أعمالهم لإلغاء الرق والاستعباد، خاصةً بعد الثورة الزراعية؛ إذ زادت المعارضة المكتوبة بشكل علني انتفاضًا على ابتعاد الناس عن الريف والقرى متوجهين إلى المدن نتيجةً لتوفير الثورة الصناعية الابتكارات والوظائف التكنولوجية، وهو الأمر الذي انتشر بشدة في القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة.
كانت الحركة الرومانسية ناقدة للارستقراطية والمنهجيات السياسية والاجتماعية التي تهمّش الجوانب الطبيعية وتتجه نحو الثورة الصناعية.[2]
المراجع
[1]https://www.britannica.com/biography/Antonio-de-Castro-Alves
[2]https://www.easternct.edu/speichera/understanding-literary-history-all/the-romantic-period.html#:~:text=Robert%20Burns%20is%20considered%20the,as%20an%20early%20Romantic%20writer.
[3]https://study.com/learn/lesson/romanticism-in-literature-characteristics-examples.html#:~:text=Romanticism%20in%20literature%20refers%20to%20a%20literary%20movement%20that%20emerged,focus%20on%20reason%20and%20rationality.
[4]https://medium.com/@debashis_dm/most-famous-writers-in-the-romantic-period-in-english-literature-fe2f71c0ecd
[5]https://www.ducksters.com/history/art/romanticism.php#:~:text=Romantic%20art%20focused%20on%20emotions,became%20looser%20and%20less%20precise.
[6]https://www.libertyparkmusic.com/the-romantic-period/
[7]https://www.classicfm.com/discover-music/periods-genres/romantic/best-composers/